الأحد، ٢٠ سبتمبر ٢٠٠٩

يوميات مواطن مفقوووووووع !




طبعاً لأني مش بتعلم من أخطائي كررت غلطتي وركبت المترو فى عز الظهر .. زحاااااام شديد والجو خانق للغاية ورائحة مش ولابد تملأ عربة المترو .. أووووف !!
عرق وعرق وعرق ماهو خلاص الفصول الأربعة تم إختصارهم إلى فصلين فقط .. صيف طويل جداً وفصل آخر قصير هو مزيج من الثلاثة فصول الأخرى.
زمان كنا بنلبس ملابس شتوية ثقيلة مع بداية شهر سبتمبر ومع كده كنا بنحس ببرد (والله كان فى برد في سبتمبر) قبل أن يتغير المناخ في مصر ليصبح بلا شتاء.
كنا نحيا في شتاء بارد يدفعنا دفعاً لإنتظار الربيع الجميل بنسماته وخماسينه واتربته ورائحة حبوب اللقاح التي تملأ الجو .. الربيع الذي إرتبط في ذهني بذلك الرجل العجوز بائع التوت والذي كان ينادي على بضاعته مغنياً بصوت عميق عذب (يا عنب التوت يا عنب) ..حقيقة لا أدري ما العلاقة بين التوت والعنب فكل منهما له شكله ورائحته ومذاقه ونكهته الخاصة ولكن هذا البائع الطيب إستطاع بصوته الرخيم العذب أن يصنع في أذهاننا رابطاً بينهم.
إستفقت من ذكرياتي مع الفصول على صوت الرجل الواقف بجوارى يتحدث مع شخص آخر حديثاً لم أنتبه إلى بدايته ولكنه كان يسترسل قائلاً : زمان كان في بركة وكانت الدنيا رخيصة. ده كيلو اللحمة كان ب 32 قرش.
قلت لنفسي : ياااااه .. 32 قرش .. هي الدنيا غليت أوي كده ؟؟!! أنا إشتريت لحمة من كام يوم وكان سعر الكيلو 45 جنيه. لابد أن ذلك الرجل يتحدث عن لحمة آتون أو توت عنخ آمون. نظرت إليه فوجدت مظهره يشير إلى أنه في العقد السادس من العمر ولا يبدو عليه أنه كان يحيا منذ سبعة آلاف سنه.
بمزيج من الفضول والدهشة ( وقلة الزوق) تدخلت فى الحوار وسألته : وإنت يا حاج إشتريتها ب 32 قرش؟
أجابني قائلاً : آه والله يا ابني ب 32 قرش وكان الكيلو كيلو ... قالها بلهجة توحي لمن يسمعه أن هذا الكيلو الذي هو كيلو كان وزنة لا يقل عن 1800 جرام وليس 1000 جرام فقط مثل كيلو الأيام السودة دى.
يا ابني هي أيامكم دي أيام؟ - قالها الرجل بالطبع ثم أكمل وهو يصطنع إبتسامة حزينة على وجهه : إحنا عشنا زمان أجمل أيام وأكلنا وشربنا أحسن أكل وشرب . أكلنا السمن البلدي الحقيقي. قلت في نفسي : وده طبعاً سبب إنتشار أمراض القلب وتصلب الشرايين بين كبار السن.
وكنا يا إبني بنشتري رغيف العيش بمليم وعشرة بيضات بقرشين و ..... و ..... و ..... .
تحدثت في اعماقي بلا صوت : ياعم الحاج كفاية .. عقدتنى .. عرفت خلاص إنك من زمن كان كله خير .. أنا بأه من زمن تاني خالص .. زمن سعر كيلو اللحمة فيه 45 جنيه و البيضة ب 75 قرش ورغيف العيش ب 60 قرش (آه والله ب 60 قرش) .. أنا من جيل تانى يا حاج..
أنا من جيل البنزين 92 إللي ثمن اللتر منه حوالي 2 جنيه ..أنا من جيل تاكسي العاصمة وال سي تى إيه .. أنا من جيل الكاتشاب والمايونيز والمسطردة وكنتاكي وبيتزا هت وماكدونالدز وكوك دور وغيرها كتير من كل أنواع ال ( جانك فود) اللى بتسبب برضه أمراض القلب وتصلب الشرايين حتى لو كانت مش معمولة بسمن بلدي.
أنا من جيل الفراخ البيضاء إللي بيحطولها حبوب منع الحمل في العلف علشان وزنها يزيد ومش مهم نقضي على ذكورة شعب بأكمله أصبح يصرف على الفياجرا والفيجا والقرص السداسي ( بتاع إعلان حامد هيرجع جامد) أكتر من إللى بيصرفه على أكله وشربه .
أنا من جيل المبيدات المسرطنة إللي بيغرقوا بيها كل حاجه بناكلها .. وبعد كده يطلبوا مننا إننا نتبرع لمستشفى السرطان. أنا من جيل ال إتش وان إن وان والمعروف ب أنفلوانزا الخنازير إللي مش عارفين هتعمل فينا إيه وأنفلوانزا الطيور إللى خلاص استوطنت عندنا لأنها عرفت إننا ناس طيبين والكرم بيجرى في دمنا وبنرحب بالضيوف حتى لو كانوا فيروسات قاتلة.
أنا يا عم الحاج من جيل الرشاوي وأبجني تجدني ومشي حالك والدرج مفتوح وفين الشاي بتاعنا.
تفتكر يا حاج ممكن اتكلم عن جيلي أد ايه ؟؟ يوم .. إثنين .. سنة .. عشرة ؟ والله يا حاج أنا ممكن اتكلم عمري كله ومش هيكفي .
إستفقت من أفكاري و إتخذت القرار الصعب (أنا لازم أنزل من المترو ده حالاً) وفعلاً نزلت من المترو و بأعلى صوتي قلت : طظ !

هناك ٣ تعليقات:

Nana يقول...

صح كل كلامك كل حاجه مسرطنه والأسعار نار ومفيش ضمير ولا أمانه ،والغش بقا طبيعي وعادي في زمنا ،ساعات بقول زيك طوز ،بس بيدخل قلبي شوية خوف علي ال هيحصل بعد كده لأولادنا ،يالا ربنا يستر ويكون معاهم ، جميل موضوعك ياعمور هننتظر اكتر

Amr Essam يقول...

Nana

شكراً لمتابعتك الدائمة ورأيك أسعدني

Amr Essam يقول...

Dina

thank you dear