الاثنين، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٠

بقايا الأمنيات .. (قصة قصيرة).



ألهث بشدة وتئن أقدامي المرهقة كثيراً وأنا أصعد ببطء شديد على ذلك الطريق الغير ممهد والذي يرتفع بصورة تكاد تكون مستحيلة حتى أن خطواتي عليه قد بدأت تتخذ شكلاً رأسياً إلى حدٍ ما مما ذكرني بمشهد تسلق الجبال في أحد أفلام (ستالون).
دخان ضبابي يرتفع ببطء حول أقدامي ويزداد رويداً رويداً مما جعل من رؤية الأرض التي أخطو فوقها أمرٌ صعب للغاية أو ضرب من خيال ، ولكنني بإصرار لم أعهده في نفسي من قبل أستمر مثابراً في الصعود مقاوماً الإرهاق ومقاوماً ذلك العرق الغزير المتصبب على جبيني رغم برودة الجو والتي إزدادت وطئتها حتى أحسست بأنفاسي تكاد تتجمد عند طرف أنفي.
لا أعلم على وجه التحديد إلى أين يأخذني ذلك الطريق ولكنها تلك الرغبة الخفية والملحة التي تضغط على إرادتي فتدفعني للإستمرار وكأنني مسيرٌ تماماً أو مغيب عن الإدراك.
يضنيني المجهود الشاق الذي أبذله حتى أواصل المضي في ذلك الطريق - المستحيل - ولكنني أستمر برغم ذلك وكلي جزل ونشوة وكأنني طفل صغير يعلم جيداً أنه سيجد مكافأته من (البونبون) في نهاية ذلك الطريق.
بدأت ألمح على جانبي الطريق ملامح أشجار يابسة تماماً ترسبت الأتربه على جذوعها وفروعها لسنوات طوال حتى إستحال لونها إلى ما يقترب - وبشدة - من اللون الأسود.
الظلام يتزايد من حولي حتى أصبحت الرؤية عسيرة للغاية إلا أنني أستمر بذات الإصرار في طريقي وكلي أمل أن أصل إلى ذلك الضوء الضئيل المتواضع والذي يظهر بصعوبة على مرمى البصر فى نهاية الطريق والذي قد حسبته بلا نهاية.
خطواتي تتثاقل وتتثاقل ولكنني بلا يأسٍ أستمر .. أغمض عينى في محاولة يائسة لتناسي إرهاقي الشديد بلا فائدة .. وأخيراً أصل .. يرتمي جسدي المنهك على الأرض مستجمعاً أنفاسي ثم أرفع عينين مرهقتين لأتأمل المكان من حولي .. أرض ترابيه متسعة يضيئها مشعل صغير مثبت في قائم خشبى تقاوم نيرانه الهواء الشديد الذي لا أدري مصدره .. أستجمع قواي من جديد لأقف مترنحاً مقترباً من حافة المكان .. تحاول عيني أن تخترق حدود الظلمة بلا فائدة .. كل ما أستطعت أن أراه خلف الحافة هو تلك الهاوية السحيقة التى تبدو بلا قرار .. هاوية مظلمة سوداء تماماً .. أعلم جيداً في قرارة نفسي أنها هدفي المنشود .. أعلم جيداً أنني أنتمي وبشدة إلى تلك الهاوية .. أسمعها تناديني .. تعاااااااااااال .. تعااااااااااااال .. ولا أجد في نفسي القدرة على المقاومة .. فأنا غريب عن هذا المكان .. غريب عن ذلك الطريق الذي أضناني حتى وصلت إلى هنا .. كم أرغب في الرحيل .. أرغب في الذهاب بعيداً إلى أحضان تلك الهاوية .. أقترب أكثر وأكثر من الحافة .. أرفع عيني إلى سماء غير موجوده ..لم يستغرق الأمر الكثير من التفكير .. أرفع ذراعين مفرودتين إلى جانبى وكأنها أجنحة .. أندفع بجسدى إلى الأمام بحركة هادئة .. تبتلعنى الهاوية .. أسقط .. أسقط .. أسقط .. ينهار جسدي متهاوياً في سرعة جعلتني لا أدري هل الأرض حقاً هي من تجذبني نحوها كأم تضم طفلها في حنو أم أنني أنا الذي يجذبها في لهفة العاشقين ..يتجسد أمام عيني الكثير من الوجوه التي مرت بي خلال سنوات عمري .. وجوه مبتسمة ووجوه عابسه .. ضحكاتٌ ونواحٌ وأنين .. صداقات سطحية وعلاقات نسائية عابرة ..صرخاتٌ تخترق أذني تتبعها صيحات إستهجان وشخص غير موجود يتصايح بكلمات نابية .. وجه أنثوي ملطخ بالأصباغ والألوان وكأنه وجه أحد كهنة الهوتو ..
يتعالى الصراخ المختلط بضحكات هيستيرية ساخرة حتى يكاد يصم أذني .. ثم فجأة يصمت كل شئ ولا يبقى أمام عيني إلا وجهين إثنين .. وجه أمي الحنون يتطلع لي في إشفاق وألم .. ووجه ذلك المهرج الذي ولطالما أضحكني في طفولتي بألوانه الزاهية وأنفه المستدير الأحمر اللون . إلا أنه بدا لي تلك المرة دامع العينين باكياً في تناقض مريع.
وأخيراً أتت لحظة الإرتطام ومع تلك الصدمة العاصفة والتي شعرت بها تحطم عظامي إنتفض جسدي مستيقظاً في فراشى مبسملاً ..صمتت قليلاً غارقاً في عرق غزير .. ورغم تأكدي التام من أن ما واجهته كان مجرد (أضغاث أحلام) إلا أن شئ ما في داخلي تمنى لو كان حقيقة .. وعندها فقط .. إبتسمت في سخرية مريرة!

الأحد، ١٢ سبتمبر ٢٠١٠

طائر حزين


كنا قد بكينا عندما جاء الرحيل ..
كطيرٍ تاه عن الرفاق ..
وغادر السرب وحيداً ..
في وحشة الليل الطويل ..
ولم يبق بعد الأمنيات..
غير بعض الذكريات..
تسكن القلب العليل ..
وحين ظن أنه ..
بعد العناء ..
قد إهتدى إلى السبيل ..
وصار يحلم باللقاء ..
وجد القلوب تبدلت ..
وتغيرت ..
والسرب قد صار بقايا ..
في طريق المستحيل !

الأحد، ٥ سبتمبر ٢٠١٠

وداع



عند الوداع

إبتعدنا في سكون ..

وإفترقنا ..

كلٌ في طريقٍ من جنون ..

وإرتعدنا ..

والشوق يجلدنا .. ويحرقنا ..

ويبدو جلياً في العيون ..

صرنا رماداً من أنين ..

صرنا بقايا من حماقات السنين ..

صرنا سوياً في محراب الحزنِ ..

نحيا ساجدين ..

فإرتضينا أن نعود ..

عدنا من جديد ..

وبين ذراعيكِ في لهفٍ بكيتُ ..

كطفلٍ وليد ..

لكنني سيدتي ..

لم أشعر بالألفةِ بين الضلوعْ ..

لم أعد أشعر أنني ..

في حبكِ ..

طيرٌ يغرد في خشوع ..

لم أعد أحمل على وجنتيَّ ..

في ظلمة الليلِ أضواء الشموع ..

صرتُ وحيداً رغم أنكِ طفلتي ..

مازلتِ تحتضنين الآمي .. و أناتي ..

وهمساتي والدموع ..

ولذا .. فأنا يا عمري ..

يا كل عمرى ..

سأرتحل .. وسأبتعد ..

إلى الأبد .. بلا رجوع!

الأربعاء، ١ سبتمبر ٢٠١٠

نسيت ..(زجل).



راجعالي ليه ؟
وبكل غرور الدنيا بتسألي ..
إنت نسيت ؟؟
أيوة نسيت ..
أنا من كتر القسوة بشوفها ..
جوه عيونك ..
غصب عني يا عمري قسيت
هو أنا ذنبى إني هويت ؟
ولا أنا ذنبي لما لقيتك ..
أكبر كدبة ..
إني سامحت عشان حبيت ؟
ياما زمان في هواكي تعبت ..
وإتألمت ..
وياما في ليل الوحده الكاتم ..
على أنفاسي ..
بحزن دموعي الحرة بكيت ..
جاية تلومي إني نسيتك؟
وإني خلاص من قلبي لغيتك؟
طيب ليه ؟
هو الواحد لما بيزرع ..
كدب وقسوة هيحصد إيه؟
وإنتي كدبتي .. وإنتي خدعتي ..
وإنتي جرحتي وإنتي وجعتي ..
وجاية تقولي إني أنا بعتك ..
وإني نسيت؟
أيوة نسيت !