الجمعة، ١٦ سبتمبر ٢٠١١

نبوءة .. قصة قصيرة


نبوءة
------

بصوتٍ رخيم قالت لي العرافة وعيناها تتطلعان إلى أغواري .. "سيكتمل الرحيل عند الرقم سبعة وعندها ستتعلم الحكمة "

الرهبة
-------

أمسك بين يديَّ بمجموعة من أوراق اللعب التي تلمع عاكسة ضوء المصباح الصغير ذو الإضاءة المتوسطة والذى يتوسط سقف تلك الغرفة الصغيرة الخالية من الأثاث إلا من منضدة صغيرة تتوسطها أوراق اللعب وكرسي صغير يواجهها أجلس عليه متوتراً.
بيد مرتجفه أتناول أوراق اللعب والتي حصلت عليها منذ سنوات طويلة من تلك العرافة العجوز ... تلك الأوراق التي مازالت محتفظة ببريقها رغم السنين وأخلطها بحركات سريعة مرتبكة ثم أضعها وظهرها إلى الأعلى فى مواجة عينيَّ الزائغتين ... أمد يداً مترددة لأسحب أولى الأوراق وقلبي ينتفض بين ضلوعي وكأنني أسحب إحدى أوراق التاروت المشئومة
أمسك بالورقة المصقولة بين أصابعي وفي بطء أغير إتجاهها لتواجه عيناي المرهقتين .. توترت عضلات وجهي بشدة وأنا أرى الرقم سبعة والذي أخشاه كالطاعون ظاهراً وجلياً.
إنها النهاية إذن .. قد إكتملت النبوءة .. كل ما حكته لي تلك العرافة فى ذلك اليوم الكريه قد تحقق ولم يبق لي إلا الرحيل ..


الرحيل
-------

سنوات طوال مرت بعد ذلك اليوم .. لم يحدث شيء ذو أهمية إلا أنني إكتشفت أنني قد أضعت الكثير من سنوات حياتي في الخوف من وهم لا وجود له .. فاليوم أكمل عامي السبعين ومازلت متمتعاً بصحة جيدة وأحيا سعيداً مع أبنائى وأحفادي وقد تعلمت الحكمة والتفكير المتأني و ....
توقفت أفكاري بصورة مفاجأة عند تلك النقطة وصرخ عقلى قائلاً .. سبعين .. تعلمت الحكمة ؟؟؟
تتجسد النبوءة من جديد أمام عيني وأنا أعبر الطريق الخالي من السيارات تقريباً إلا من تلك السيارة المسرعة و التي ظهرت فجأة من ذلك المنحنى والتي لم يتوقع قائدها أن يجدني أمامه بصورة لم تسمح له بأن يتفاداني و بسرعة لم تسمح له بالتوقف المفاجئ .. و .......... كان الرحيل !!

خاتمة ضرورية
--------------

أصدقائي الأعزاء .. القصة من وحي خيالى ولا تمثل أي نوع من التصديق لأمور ليست بواقعية فأنا أؤمن تماماً أن الغد بيد الله تعالى فقط وأن المنجمون كاذبون ولو صدقوا.

عمرو عصام ®

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

تتواجد الحكمة لدى الإنسان في كل العقول وفي كل الإعمار .. وليست شرطا ان تتم في السبعين من العمر ... فلربما وجدنا طفلاً خرجت من فمه حكمة ودون ان يدرك هذا فصارت كذلك ... وكما هو الغلام الذي قال ( اللهم اني ادرأ بك في نحورهم واعوذ بك من شرورهم )
ولربما يأتي بعد السبعين حالات من الرجوع الى سن الطفولة البريئة ...
الشاهد هنا ان النظرة التي لا أزال اراها فيما تكتب هو الرحيل ،، اليأس ،،، التعب ،،،وما يصاحب هذا من اوجاع ،، لكل منا دوره في هذه الحياة ،، فأنا بخبرتي المتواضعه والتي اتمنى ان تروق لك لا اجد امامي سوى تشبيه الحياة بالسفينة ربانها واحد ومساعده واحد والباقي ركاب وبضائع وحمولة ،،، تسير في عرض البحر ،، وتمر بكل الموانئ ،، ونحن ركاب هذه السفينة ولكل منا ميناء ينزل فيه ، ومن الميناء نفسه لربما يصعد اليها ركاب جدد ينتظرون الوصول الى مينائهم هم ايضاً، ويبقى الربان يجوب عرض البحر ،،
ولاننكر ان هناك من الركاب من ينتهي اجله فيها ويلقى به في قيعان المياه الهادئه او الهائجه ،، فالبحر ليس يه امان ،،، ولكنه جميل جدا ،،، دورنا هنا هو انتظار مينائنا الذي سننزل فيه والتحضر لما هو آت كي نحاول قدر استطاعتنا خلق مناخ لمكان وزمان سوف نكون فيه الأجمل ،،،

تقبل مروري

Amal Aabdalrahman يقول...

أسلوبك القصصي رائع ومشوق ..مبدع بكافة الاصعدة يا عمرو كتيبت فأبدعت فأمتعتنا كعادتك ..الا جف الله حبر قلمك يا دكتور..